سيظل التعليم القائم على المحتوى يمثل تحدياً لكل من الطالب والأستاذ، فهو السهل الممتنع وسيظل نجاح هذا المساق مرهونا بإقتناع الأساتذة به واتقانهم لطرق تطبيقه من ناحية ورغبة واستعداد الطلاب للمشاركة فيه من ناحية أخرى، وأيضاً تلعب المصادر المتاحة ونوع المؤسسة التي تتبنى هذا النوع من التعليم دوراً مهماً في نجاحه، كذلك قدرة الأستاذ على خلق محتوى متوازن يحقق أهدافه ويلبيى احتياجات الدارسين ويستفيد من اسهاماتهم في تحديد الموضوعات. ثم نأتي للمعادلة الصعبة وهي كيفية تحقيق التوازن بين تعليم اللغة وتدريس المحتوى. وإن كنا نتحدث عن التدريس، فإن مدرس اللغة العربية المتخصص هو القادر على القيام بكل هذه المهام وليس مدرس المحتوى المتخصص، إلا إذا كان أستاذ المحتوى ملمّاً بطرائق تدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها.
وجدير بالذكر أن مرونة المعلم وسعة صدرة وغزارة ثقافته وإلمامه الجيد بموضوع المناقشة ورغبته الفعلية في إعطاء الفرصة كاملة للطلاب للتعلم من العوامل الهامة لتحقيق نجاح مبهر للمساق القائم على المحتوى. فنحن نأخذ الطالب في مغامرة اجتماعية وثقافية وتاريخية وسياسية من خلال استخدام اللغة الحقيقية التي يستخدمها أهلها. فعندما يناقش الطلاب بنجاح فكرة واردة في النص الأصلي، فإن ثقتهم بأنفسهم تزداد وهذا بدوره يؤدي إلى زيادة الدافع للتعلم أكثر واظهار واستخدام مهاراته اللغوية للتعبير عما يجيش بخاطره.
أخيراً لقد تبنّى كثير من رواد تعليم اللغات الأجنبية واللغويين التعليم القائم على المحتوى كطريقة فعّالة وعملية مناسبة لرفع مستوى الطلاب اللغوي والثقافي وابتعدوا عن الجدل القائم حول ما إذا كانت الطرق التقليدية أفضل أم أن مثل هذه الطريقة أفضل، وعلينا كأساتذة للغة العربية أن نواكب هذا التطور وأن نتبنى الطرق الحديثة التي تتلائم مع طبيعة اللغة العربية وثقافتها حتى نحقق لهذه اللغة الجميلة المكانة التي تليق بها وسط اللغات الأخرى.