في مناقشتنا السابقة حول الصعوبات المرتبطة بالحاجز النفسي قدّمنا بعض العوامل التي تنتج أحياناً عن الإحساس بالخوف والخجل والتوتر عند طلابنا حين نحاول العمل معهم على تحسين نطقهم. والنطق، كما قلنا، كثيراً ما نفكّر فيه كأنه مزية خاصة بشخصية الطالب فالنظرة الناقدة الى نطق الطالب قد تجعله يشعر بشيء من الاهانة. واذا أردنا مواجهة هذا التحدي فأحسن حلّ بالنسبة الينا هو إبعاد عملية تحليل النطق ونقده عن الطالب نفسه ونقلها الى فضاء افتراضي يمكّننا من الكلام عن بعض الأخطاء اللفظية العادية بدون أن ترتبط بمتعلّم معيّن من المتعلّمين. ومن فوائد هذا المقترب أنه لا يسمح للأستاذ فحسب بل للطلاب أيضاً بالمشاركة في تحديد المشاكل الصوتية وتأثيرها على كيف تُسمَع الكلمات العربية، وويؤدي بالتالي الى التقليل من الحاجز النفسي وتردّد الطلاب في نقد الذات ـ
وفي الفيديوهين القصيرين التاليين نشاهد بعض الطلاب يقارنون كمجموعة بين نطقين لكلمة واحدة ويختارون الكلمة الأكثر سلامةً بنطقها ونراهم حتى يضحكون على الكلمة المنطوقة بشكل غير سليم:
وحتى لو أنقصت هذه الاستراتيجية لعزل اللفظ ونقده من الحاجز النفسي فيبقى لدينا شيء من الخوف بأن الموضوع سيُعتبر مملّا وصعب النقاش. وعلى الرغم من أننا نهدف الى الكلام بالعربية في صفوفنا الى أبعد حد تسمح لنا به الظروف فإننا نعتقد بأن تحديات التعامل مع النطق هي من المواضيع التي تحتاج في كثير من الأحيان الى مناقشتها باللغة الأم للطالب لكي تكون الأمور واضحة تماماً لديه. ونشجّع الأساتذة كذلك على أن يشجعوا الطلاب على طرح أسئلة حول النطق بأي من اللغتين وألا يمنعوهم عن اللجوء الكامل الى اللغة الأم اذا أحسوا بأنهم يحتاجون الى ذلك لتناول الموضوع، فنريد أن يكون تركيزهم منصبّاً على مضمون المناقشة لا على وسيلتها.
وأما الاحساس بأن النطق غير قابل للتغيير فيحسن بنا أن ننبّه طلابنا بشكل مباشر الى أن تحسينه عملية مستمرة تحتاج الى الصبر وأننا كأساتذة لا نتوقّع أنه سيتغير على الفور بل بمرور الوقت، فنريد أن نشدّد على أن طلابنا قادرون على تحسين مهارة النطق طالما انتبهوا لها واستثمروا الوقت فيها بنفس الشكل الذي يستثمرونه من أجل التحسن في أي مهارة من المهارات اللغوية الأخرى .
ونعتقد أن هذا المزج بين الاستراتيجيات الذي يقوم على إبعاد مفهوم النطق عن شخصية الطالب الواحد علاوة على تناول قضايا النطق بلغة واضحة لدى الطالب من شأنه أن يفيدنا الى حد بعيد في مواجهة الحاجز النفسي الذي قد يمنعنا من تدريس النطق بشكل فعال اذا لم نكن واعين بهذه الحاجز وبدوره في عملية التعلم .